ما هو داء السكري؟
داء السكري هو مرض أيضي يتميز بارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم، و يحدث بسبب نقص في إنتاج الأنسولين أو تراجع في قدرة الجسم على استخدامه. والإنسولين هو هرمون تنتجه خلايا بيتا في البنكرياس ويعمل على تسهيل دخول الجلوكوز الموجود في الدم إلى الخلايا من أجل الحصول على الطاقة.
لماذا أطلق عليه “داء السكري Diabetes mellitus “؟
كلمة “Diabetes” مأخوذة من اللغة اليونانية، والتي تعني “مرور” ، و “mellitus” من اللاتينية ، والتي تعني الحلو. يعود الفضل في استخدام مصطلح “مرض السكري” لأول مرة -حوالي 250 إلى 300 قبل الميلاد- إلى أبولونيوس الممفيتي. ويعتبر أول من لاحظ أن طعم البول حلو في هذه الحالة هم الإغريق والهنود والمصريون القدماء، مما أدّى إلى مصطلح داء السكري؛ والذي يعني حرفيا “الإفرازات الحلوة”.
ما هي أنواع مرض السكري؟
ينقسم مرض السكري إلى عدة فئات تشمل: سكري النوع الأول، والنوع الثاني، وسكري الحمل، وسكري الشباب الناضجين، والسكري الثانوي الناجم عن اضطرابات الغدة الصماء واستخدام الستيرويدات. ويعد سكري النوع الأول والثاني و سكري الحمل أكثر ثلاثة أنواع شيوعاً.
سكري النوع الأول:
يحدث مرض السكري من النوع الأول (المعروف سابقًا باسم السكري المعتمد على الأنسولين أو سكري الطفولة)؛ نتيجة مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا بيتا في البنكرياس المسئولة عن إفراز الإنسولين الذي يتحكم في مستوى السكر(الجلوكوز) في الدم. لذا يعاني مرضى هذا النوع من نقص حاد في إنتاج الأنسولين مما يتطلب تناول الأنسولين يوميًا.
سكري النوع الثاني:
يعد أكثر أنواع السكري انتشاراً وينتج عن وجود خلل في التوازن بين مستويات الأنسولين وحساسية الإنسولين (استجابة الجسم للإنسولين)؛ مما ينتج عنه مقاومة الإنسولين (خلايا الجسم غير قادرة على الاستجابة لتأثير الإنسولين). وقد كان يسمى هذا النوع سابقًا بالسكري غيرالمعتمد على الأنسولين أو سكري البالغين. وحتى وقت قريب، كان هذا النوع من مرض السكري يصيب البالغين ولكنه الآن يحدث بشكل متزايد لدى الأطفال.
سكري الحمل:
يحدث عند ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم أثناء فترة الحمل فقط . يمكن أن يؤدي سكر الحمل إلى حدوث بعض المضاعفات خلال الحمل والولادة، وقد تتعرض الأم وطفلها لخطر الإصابة بسكري النوع الثاني لاحقًا. عادة ما يتم الكشف عنه من خلال الفحص الشامل أثناء الحمل بدلاً من الاعتماد على الأعراض حيث أن معظم النساء لا تظهر عليهن أعراض السكري.
ما هي عوامل الخطرالرئيسية للإصابة بمرض السكري من النوع الأول؟
بينما تلعب الوراثة دوراً كبيراً في زيادة الإصابة بمرض السكري من النوع الأول، إلا أنها ليست العامل الوحيد المساعد على الإصابة بهذا المرض. هناك أيضاً بعض العوامل البيئية مثل الالتهابات الفيروسية، وانخفاض مستويات فيتامين (د) والتعرض المحدود لأشعة الشمس.
ما هي عوامل الخطرالرئيسية للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني؟
غالبا ما يرتبط مرض السكري من النوع الثاني بالعادات الغذائية الغير صحية ونمط الحياة الغير نشط، والمتمثل في قلة الحركة. فيما يلي بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني:
- السمنة والوزن الزائد.
- العمر 45 سنة أو أكبر.
- وجود قريب من الدرجة الأولى مصاب بسكري النوع الثاني.
- النشاط البدني المحدود (أقل من 3 مرات في الأسبوع).
- الإصابة بمرض سكري الحمل في السابق أو ولادة طفل يزيد وزنه عن 9 باوندات (4.082 كجم).
- بعض الفئات العرقية تكون أكثر عرضة للإصابة بالسكري مثل الأمريكيين الأفارقة، الهسبانيين، الأمريكيين الأصليين، أو الألاسكيين. بعض السكان الأصليين للمحيط الهادئ والأمريكيين من أصل آسيوي.
- الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي يزيد من خطر الإصابة بسكري النوع الثاني.
ما هي أعراض مرض السكري؟
تتفاوت أعراض مرض السكري في شدته من مريض إلى آخر تبعاً لمستوى الجلوكوز في الدم. و تشمل هذه الأعراض:
- العطش الشديد.
- زيادة التبول.
- الجوع المفرط.
- تشوش الرؤية.
- الشعور بالتعب والإرهاق حتى بعد الراحة.
- فقدان الوزن غير المقصود.
- الإحساس بالوخز أو التنميل في اليدين والقدمين.
- بطء التئام الجروح أو القروح.
- الالتهابات المتكررة، مثل التهابات المسالك البولية أو التهابات الجلد.
علاوة على هذه الأعراض، يشكل مرض السكري مخاطر كبيرة على المدى الطويل. فبمرور الوقت ، يمكن أن تظهر مضاعفات خطيرة تتمثل في الإضرار بالأوعية الدموية في الأعضاء الحيوية مثل القلب والعينين والكلى والأعصاب. يزيد هذا الضرر من احتمالية حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية والفشل الكلوي.
كيف يتم تشخيص مرض السكري؟
وفقا لجمعية السكري الأمريكية (American Diabetes Association) ، يتم تشخيص مرض السكري من خلال الاختبارات التالية:
- قياس مستوى الجلوكوز المرتبط بالهيموغلوبين (HbA1c) في الدم والذي إذا بلغت نسبته 6.5٪ أو أعلى فإن هذا يشير إلى وجود مرض السكري.
- قياس مستوى الجلوكوز في الدم بعد الصيام لمدة 8 ساعات على الأقل. إذا كان مستوى الجلوكوز يزيد عن 126 ملغم / دل (7.0 مليمول / لتر) أو أعلى فإن هذا يشير إلى وجود مرض السكري.
- اختبار تحمل الجلوكوز الفموي، و يتم فيه قياس مستوى الجلوكوز بعد شرب محلول يحتوي على كمية معينة من الجلوكوز(75جم). إذا كان مستوى الجلوكوز بعد ساعتين 200 ملغم/دل (11.1 ملليمول/لتر)، فإن هذا يشير إلى وجود مرض السكري.
- قياس مستوى الجلوكوز العشوائي في الدم دون صيام. إذا بلغ مستوى الجلوكوز 200 مجم / ديسيلتر (11.1 مليمول / لتر) أو أعلى في الأفراد الذين يعانون من أعراض ارتفاع السكر في الدم (زيادة التبول والعطش والجوع وفقدان الوزن غير المبرر)، فقد يكون هذا مؤشراً على وجود السكري.
و توصي جمعية السكري الأمريكية بفحص البالغين الذين تبلغ أعمارهم 45 عاما فما فوق بحثا عن مرض السكري ، حتى لو لم يكن لديهم أي عوامل خطر محددة. في حين أن الجمعية الأمريكية لخدمات الوقاية ( the United States Preventative Service Task Force) توصي بإجراء اختبار السكر في الدم للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و 70 عاما، والذين يعانون من زيادة الوزن، ولديهم عوامل خطر إضافية، مثل: التاريخ العائلي للسكري. تهدف هذه التوصيات إلى التشخيص المبكر لمرض السكري، والتدخل المبكر للحد من مضاعفات المرض، وتحسين نوعية الحياة. يجب على الأفراد استشارة الطبيب للحصول على توجيهات شخصية استنادًا إلى عوامل الخطر الفردية، وتاريخ الصحة الشخصية.
أيضاً تشير الجمعية الأمريكية للسكري إلى أن تشخيص سكري الحمل يتم عبر اختبار تحدي الجلوكوز، والذي بتم بشكل روتيني للنساء الحوامل في الأسابيع ال 24 إلى ال 28 من الحمل. يتم إعطاء السيدات محلولًا يحتوي على كمية محددة من الجلوكوز لشربه، ثم يتم قياس مستوى السكر في الدم بعد مرور ساعة واحدة. إذا تجاوز مستوى الجلوكوز في الدم 140 مجم / دل ، يتم إجراء مزيد من الاختبارات لتأكيد التشخيص.
ما هو علاج مرض السكري؟
تعد أهم خطوة في نجاح علاج مرض السكري هي تثقيف المرضى حول المرض، وجعلهم مشاركين نشطين في رعايتهم أنفسهم. يجب أن يدرك المريض أنه بحاجه إلى تغيير نمط حياته ويشمل هذا:
تغييرالنظام الغذائي عن طريق تقليل الكربوهيدرات وإجمالي السعرات الحرارية.
ممارسة التمارين الرياضية بانتظام (أكثر من 150 دقيقة في الأسبوع).
مراقبة مستويات الجلوكوز في الدم والسعي للحفاظ على مستويات الجلوكوز بين 90 إلى 130 ملغ/دل.
أما فيما يخص الأدوية:
في مرض السكري من النوع الأول: يشمل العلاج عادة الحقن اليومية بالإنسولين أو استخدام مضخة الإنسولين.
بالنسبة لمرض السكري من النوع الثاني: قد تكون التغييرات في نمط الحياة مثل النظام الغذائي والتمارين الرياضية كافية، خاصة في المراحل الأولية إلا أن العلاجات الأخرى تركزعلى تحسين حساسية الإنسولين أو زيادة إفراز الإنسولين من البنكرياس. هناك فئات مختلفة من الأدوية المتاحة، وتشمل:
- الميتفورمين (Metformin)
- السلفونيل يوريا (Sulfonylureas)
- الميغليتينيد (Meglitinides)
- مثبطات أنزيم ألفا جلوكوسيداز (Alpha-glucosidase inhibitors)
- الثيازوليدينديونات (Thiazolidinedione)
- ناهضات الجلوكاغون مثل الببتيد-1 (Glucagon-like peptide-1 agonists)
- مثبطات ثنائي ديبتيديل بيبتيداز-4 (Dipeptidyl peptidase-4 inhibitors)
- مثبطات محمل الصوديوم الجلوكوزي-2 (Sodium-glucose transporter-2)
عادةً ما يكون الميتفورمين هو خط العلاج الأولي، ويساعد في خفض مستويات السكر في الدم، وتحسين استجابة الخلايا للإنسولين. أيضاً قد يستخدم الإنسولين في علاج مرضى سكري النوع الثاني، خاصة مع تقدم المرض.
ما هي الفحوصات الدورية اللازمة لمرضى السكري؟
تعد الفحوصات الدورية ضرورية؛ لأن مرض السكري يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خاصة تلك التي تؤثر على الأوعية الدموية الصغيرة. لذا من المهم أن يخضع الأفراد المصابون بمرض السكري للفحوصات التالية بانتظام:
- فحص شبكية العين، لتجنب اعتلال الشبكية السكري، وهي حالة قد تسبب مشاكل في الرؤية.
- الفحوصات العصبية والجسدية، لحماية المرضى من الاعتلال العصبي؛ والذي قد يؤدي إلى خطر البتر. يُشجع المرضى أيضًا على فحص قدميهم يوميًا للكشف عن أي آفات قد تمر دون ملاحظة.
- فحص وظائف الكلى لاكتشاف أي علامات مبكرة تدل على تلف الكلى نتيجة لمرض السكري. إذا كانت نسبة الزلال إلى الكرياتينين في البول أكبر من 30 ملغ/جم، فإن ذلك يشير إلى تغيرات كلوية محتملة.
- فحوصات ضغط الدم الدورية وتهدف إلى الحفاظ على ضغط الدم الانقباضي دون 130 ملم زئبق والانبساطي دون 85 ملم زئبق.
- مراقبة مستويات الدهون في الدم، بالنسبة لأولئك الذين يعانون من مرض السكري ولا يوجد لديهم تاريخ من أمراض القلب والأوعية الدموية، فإن الهدف هو الحفاظ على مستويات الكولسترول منخفض الكثافة أقل من 100 ملغ/دل. أما إذا كان هناك تاريخ لأمراض القلب والأوعية الدموية، فإن الهدف ينخفض إلى أقل من 70 ملغ/دل.
المراجع:
- Sapra A, Bhandari P. Diabetes. [Updated 2023 Jun 21]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2024 Jan-. Available from: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK551501/
- Tan SY, Mei Wong JL, Sim YJ, Wong SS, Mohamed Elhassan SA, Tan SH, Ling Lim GP, Rong Tay NW, Annan NC, Bhattamisra SK, Candasamy M. Type 1 and 2 diabetes mellitus: A review on current treatment approach and gene therapy as potential intervention. Diabetes Metab Syndr. 2019 Jan-Feb; 13(1):364-372. doi: 10.1016/j.dsx.2018.10.008. Epub 2018 Oct 10. PMID: 30641727.
- Type 1 and 2 diabetes mellitus: A review on current treatment approach and gene therapy as potential intervention,Diabetes & Metabolic Syndrome: Clinical Research & Reviews, Volume 13, Issue 1, 2019, Pages 364-372, ISSN 1871-4021, https://doi.org/10.1016/j.dsx.2018.10.008.
- Centers for disease control and prevention (CDC)
- WHO (world Health Organization)