في عالم اللياقة البدنية، يمكن للأدوية أن تلعب دورًا كبيرًا في تحسين أو إعاقة تقدمك. لنكن صادقين، ممارسة التمارين الرياضية قد تكون تحديًا في أفضل الأوقات. ولكن عندما تضيف الآثار الجانبية لبعض الأدوية ، قد تصبح الأمور أكثر تعقيدًا. بعض الأدوية قد تسبب زيادة في الوزن، مما يجعل التمارين أكثر صعوبة، في حين قد تتسبب أدوية أخرى في الشعور بالدوخة والنعاس، مما يزيد من خطر الإصابة أثناء التمرين. في هذا المقال، سنلقي نظرة على بعض الأدوية التي يجب توخي الحذر عند تناولها، خاصة إذا كنت تخطط لممارسة التمارين الرياضية بانتظام. سنستعرض كيفية التعامل مع هذه التحديات لضمان ممارسة الرياضة بأمان ودون التأثير سلبًا على صحتك البدنية والنفسية.
- الأدوية المنومة
تستخدم أدوية النوم مثل الزوبيكلون (eszopiclone) و الزولبيدم ممتد المفعول (extended-release zolpidem) بشكل شائع من قبل الأشخاص الذين يعانون من الأرق أو مشاكل النوم الأخرى. ولكن هذه الأدوية يمكن أن تسبب في الشعور بالكسل والنعاس الشديد في نهار اليوم التالي، مما يؤدي إلى ضعف الأداء الرياضي و زيادة خطر الإصابات أثناء التمرين.
لهذا إذا كنت تتناول هذه الأنواع من الأدوية، يمكنك التخطيط لممارسة التمارين في وقت متأخر من الصباح أو في فترة الظهيرة بدلاً من التمرين في الصباح الباكر. ولكن تذكر: إذا انتظرت حتى وقت متأخر من المساء لممارسة التمارين، فقد تجد صعوبة في النوم، مما قد يزيد من مشكلة النوم سوءًا.
يمكنك أيضًا النظر في استخدام دواء نوم ذو مفعول أقصر. فالزولبيديم فوري المفعول والزاليبلون (zaleplon) لا يبقيان في جسمك لفترة طويلة مثل الزوبيكلون أوالزولبيدم ممتد المفعول ، وبالتالي تكون أقل عرضة للشعور بالنعاس في اليوم التالي.
- أدوية الحساسية
أدوية الحساسية، مثل مضادات الهيستامين، تُستخدم عادة لتخفيف أعراض الحساسية والبرد، كما أنها تستخدم في كثير من الأحيان كأدوية مساعدة على النوم. ومن المعروف أن بعض مضادات الهيستامين (القديمة، من النوع الأول) مثل ديفينهيدرامين (diphenhydramine) و كلورفينيرامين (chlorphenamine) تسبب النعاس والدوخة. فإذا تناولتها في الليل، ستحظى بقسط وفير من النوم، ولكنك ستشعر بالنعاس الشديد في اليوم التالي، مما سيجعل التمارين الصباحية أكثر صعوبة ويزيد من خطر الإصابات.
لا ينبغي عليك استخدام أي آلات عند تناول هذه الأدوية مثل الدراجات والأوزان وأجهزة الجري. و لكن يمكنك تناول مضادات الهيستامين التي لا تسبب النعاس مثل :
- اللوراتادين (loratadine)
- السيتريزين (cetirizine)
- الفيكسوفينادين (fexofenadine)
- ديسلوراتادين (desloratadine)
- الأدوية المزيلة للاحتقان
توجد الأدوية المزيلة للاحتقان مثل السودوإيفيدرين (pseudoephedrine) غالبًا في منتجات البرد والإنفلونزا والحساسية التي تُصرف بدون وصفة طبية، و تستخدم لتخفيف احتقان الأنف و الجيوب الأنفية. و تعمل هذه الأدوية على تقليل الاحتقان عن طريق تضييق الأوعية الدموية في الممرات الأنفية مما يمكن أن يزيد من معدل ضربات القلب و ضغط الدم.
إذا كان معدل ضربات القلب أو ضغط الدم مرتفعًا جدًا، فقد تشعر بالتعب بسرعة أكبرلاسيما أن التمارين الرياضية ترفع من مستوى الجهد البدني. ويمكن أن يؤثر ذلك على جودة التمرين، كما يمكن أن يزيد من خطر حدوث اضطرابات في ضربات القلب ومشاكل قلبية أخرى.
لتجنب هذه التأثيرات السلبية، من الأفضل تأجيل التمارين حتى تشعر بتحسن وبعدم الحاجة إلى الأدوية .كما يُنصح بمراقبة جسمك أثناء التمارين والتوقف فورًا إذا شعرت بأي أعراض غير معتادة مثل الدوخة، الصداع، أو زيادة في ضربات القلب.
- أدوية السكري
تؤثر أدوية السكري، مثل الأنسولين (insulin) والسلفونيل يوريا (sulfonylurea)، بشكل كبير على مستوى السكر (الجلوكوز) في الدم. عندما تأخذ هذه الأدوية، تعمل على خفض مستوى الجلوكوز في الدم لمساعدة الجسم على استخدامه بشكل أفضل. لكن عند ممارسة التمارين الرياضية، ينخفض مستوى السكر في الدم بشكل طبيعي نتيجة لاستهلاك الجسم للطاقة. لذا، يمكن أن يؤدي الجمع بين تناول أدوية السكري والتمارين الرياضية، خاصة التمارين عالية الكثافة، إلى انخفاض حاد في مستوى الجلوكوز، مما يزيد من خطر الإصابة بنوبات انخفاض السكر الحادة (الهيبوغلايسيميا).
لتجنب الآثار السلبية لأدوية علاج السكري أثناء ممارسة التمارين الرياضية، من الضروري اتباع بعض الإجراءات الوقائية:
- تحدث مع طبيبك لتحديد برنامج تمرين يناسب حالتك الصحية. قد يتطلب الأمر تعديل جرعة الأدوية أو توقيت تناولها لتجنب انخفاض السكر الحاد.
- عليك بمراقبة مستوى السكر في الدم قبل وأثناء وبعد التمرين لضمان بقائه ضمن النطاق الطبيعي.
- احمل معك دائمًا وجبة خفيفة غنية بالكربوهيدرات سريعة الامتصاص، مثل العصير أو الحلوى، للتعامل مع أي انخفاض مفاجئ في مستوى السكر.
- كن متيقظًا لأعراض انخفاض السكر مثل الدوخة والعرق الغزير والارتعاش، واتخذ الإجراءات اللازمة فورًا إذا شعرت بأي منها.
- أدوية الضغط
تؤثر أدوية ضغط الدم، مثل حاصرات مستقبلات بيتا (beta-blockers) ومدرات البول ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors)، بشكل كبير على التمارين الرياضية. تعمل حاصرات مستقبلات بيتا على خفض معدل ضربات القلب وإخفاء أعراض انخفاض سكر الدم، مثل الارتجاف والعصبية، مما يجعل من الصعب اكتشاف نوبات انخفاض السكر أثناء التمرين، خصوصًا للأشخاص المصابين بالسكري. أيضًا، حاصرات بيتا تعمل على خفض معدل ضربات القلب مما يجعل من الصعب تحقيق معدل ضربات القلب المستهدف أثناء التمرين. من ناحية أخرى، تعمل التمارين الرياضية على خفض ضغط الدم، حتى بعد انتهاء التمرين، يمكن أن يتفاقم هذا الانخفاض في ضغط الدم مع تناول مدرات البول ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين، مما يزيد من خطر الدوار والإغماء.
لهذا من الضروري التحدث مع طبيبك لتحديد برنامج تمرين آمن للتأكد من أن معدل ضربات القلب وضغط الدم لا ينخفضان بشكل كبير. إليك بعض الاقتراحات:
- البقاء رطباً عن طريق شرب الماء باستمرار
- الحذر عند الانتقال من وضعية الاستلقاء إلى الجلوس أو من الجلوس إلى الوقوف
- إذا شعرت بالدوار أو الإغماء أو الدوخة، اجلس واسترح، أو توقف عن التمرين لهذا اليوم
يجب عليك أيضًا استشارة الطبيب حول توقيت جرعات الأدوية مع تمارينك. في معظم الحالات، لن تحتاج إلى تنسيق تناول أدوية ضغط الدم مع وقتك في الصالة الرياضية، خاصة بعد أن يتعود جسمك على الدواء، كما أن العديد من أدوية ضغط الدم تعمل بشكل تدريجي على مدار الوقت.
لكن، اعتمادًا على حالتك وأعراضك، قد يوصي طبيبك بخلاف ذلك. على سبيل المثال، إذا كنت تتناول حاصرات مستقبلات بيتا في الصباح وتجد أنها تؤثر بشكل كبير على أدائك في التمارين الصباحية، قد يوصي بممارسة التمارين في وقت لاحق من اليوم.
- الأدوية الخافضة للكوليسترول (الستاتينات، statins)
الستاتينات هي أدوية تعمل على خفض مستويات الكوليسترول في الدم ومنها السيمفاستاتين (simvastatin) والروزوفاستاتين (rosuvastatin). ورغم فعاليتها الكبيرة، فإنها قد تسبب آلامًا في العضلات كأثر جانبي. في بعض الحالات النادرة، قد ترتبط الستاتينات بحالة خطيرة تُعرف بانحلال الربيدات الجهدي (exertional rhabdomyolysis)، حيث يتفكك ألياف العضلات وتتحرر محتوياتها في الدم، مما قد يضر بالكلى. هذه الآثار الجانبية قد تجعل ممارسة التمارين الرياضية تحديًا للأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية، خاصة إذا كانوا يعانون من آلام العضلات.
إذا كنت تعاني من آلام العضلات أو تقلصاتها، فاعلم أن هذه الأعراض قد تختفي بعد بضعة أسابيع من تناول الدواء بانتظام. حتى ذلك الحين، من الأفضل الالتزام بتمارين لا ترهق عضلاتك كثيرًا (مثل التمارين الهوائية –الكارديو- بدلاً من تدريبات المقاومة). إذا لم تكن تعاني من آلام العضلات، فيمكنك متابعة روتين التمارين المعتاد.
من الضروري أيضًا معرفة علامات وأعراض انحلال الربيدات الجهدي، مثل تصلب العضلات، الألم، التعب، والبول الداكن. يجب تخطيط جلسات التدريب لأوقات أكثر برودة من اليوم إذا كنت تتمرن في الخارج، وضمان ترطيب الجسم بشكل كافٍ قبل وأثناء وبعد التمرين.
إذا استمرت آلام العضلات، يجب استشارة الطبيب الذي قد يقترح تغيير نوع الستاتين المستخدم.
- الفلوروكينولونات (fluoroquinolones)
الفلوروكينولونات مثل الليفوفلوكساسين (levofloxacin) والسيبروفلوكساسين (ciprofloxacin) هي مجموعة من المضادات الحيوية التي تُستخدم لمعالجة مجموعة واسعة من الالتهابات البكتيرية.
أحد العيوب الرئيسية للفلوروكينولونات هو أنها يمكن أن تسبب التهابات و آلام في العضلات و المفاصل. كما يمكن أن تؤدي إلى تمزقات في الأوتار، وهي الأنسجة التي تربط العضلات بالعظام. يُمكن للتمارين الرياضية عالية الكثافة أن تزيد من احتمالية حدوث هذه الآثار السلبية، مما يجعل ممارسة التمارين الرياضية تحديًا كبيرًا خلال فترة تناول هذه الأدوية.
من الأفضل أخذ استراحة من التمارين حتى تنتهي من دورة العلاج بهذه المضادات الحيوية. إذا لم يكن التوقف عن التمارين خيارًا، يمكنك استشارة طبيبك حول التمارين ذات التأثير المنخفض التي لا تجهد المفاصل والأوتار بشكل كبير، مثل السباحة.
المراجع: